الصقارة.. والاستثمار في المواهب
حين تتحول هواية عريقة مثل الصقارة من ممارسة نخبوية في قلب الصحراء إلى ممارسة منظّمة تستقطب آلاف الزوار، وتدار وفق منظومة احترافية وجوائز مليونية، فنحن أمام قصة تحول لافتة يعيشها الموروث السعودي في عصر رؤية السعودية 2030.
الصقارة، ذلك الموروث الوطني العريق الذي حظي باهتمام واسع على مستوى العالم وفي مقدمته المملكة العربية السعودية، باتت اليوم مثالًا حيًا على التحول نحو اقتصاد ثقافي متكامل قادر على خلق فرص جديدة وتوسيع دائرة الاهتمام بالموروث بأساليب حديثة ومعاصرة.
وتأتي كأس نادي الصقور السعودي 2025 بوصفها أحد أبرز الأمثلة على هذا التحول، لأنه خلق نموذجًا اقتصاديًا وثقافيًا واضح المعالم، يُحاكي توجهات الرؤية في الاستثمار في الصناعات الثقافية.
ومن الواضح أن دعم القيادة الرشيدة -أيدها الله- لعب دورًا محوريًا في هذا التحول، فحين يتحول الموروث إلى وجهة موسمية تستقطب آلاف الزوار، ويُصمم له نظام دقيق للجوائز، وتوضع له هياكل تنظيمية احترافية، فإن ذلك يعني أننا أمام مشروع يتجاوز فكرة إحياء الموروث، ليصل إلى بناء صناعة ثقافية ذات مردود اقتصادي واجتماعي.
فجوائز الكأس التي تتجاوز 10 ملايين ريال، هي استثمار مباشر في استدامة الهواية، وتشجيع الشباب على دخول عالم الصقارة، وإعادة تدوير الخبرة بين الأجيال عبر بوابة المنافسة المنظمة والمهنية.
وتأتي استضافة المنطقة الشرقية للكأس هذا العام كخطوة مهمة في توسيع رقعة حضور الصقارة داخل المملكة، هذا الانتقال الجغرافي يحمل دلالات اقتصادية وثقافية؛ فهو يزيد من فرص اندماج المجتمع المحلي في الهواية، ويخلق محيطًا تجاريًا وسياحيًا موازيًا للبطولة، بدءًا من حركة الزوار والفنادق والمطاعم، وصولًا إلى الصناعات المصاحبة للحرف اليدوية والمحتوى المعرفي حول الصقور.
وتبدو هذه الخطوة انسجامًا مع توجه استراتيجي أوسع يتمثل في نشر الفعاليات الكبرى في مختلف مناطق المملكة، بحيث تصبح الهوايات الوطنية جزءًا من هوية كل منطقة، وليست نشاطًا موسميًا في نطاق ضيق.
كما لا يمكن الحديث عن كأس نادي الصقور دون الإشارة إلى ارتباطها الطبيعي بـ مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور؛ الوجهة الأكبر للصقارين في المنطقة، فالكأس تمثل مرحلة استعداد مهمة للمشاركين قبل الدخول في المنافسات الأكبر، ما يعني أننا أمام سلسلة مترابطة من الفعاليات التي تجعل الصقارة صناعة قائمة بذاتها، لها مواسمها، ونجومها، وفرصها الاستثمارية، ومجالاتها التدريبية والمعرفية.
بهذه الطريقة، تحول النادي إلى مؤسسة تصنع منظومة اقتصادية وثقافية تجمع بين الهواية والمحتوى الثقافي والتعليم والتدريب والفعاليات الجماهيرية، ومع استضافة المنطقة الشرقية للكأس هذا العام، فإن المملكة تؤكد مجددًا أن موروثها قيمة اقتصادية وثقافية قابلة للتحول، وقابلة أيضًا للابتكار والتطوير، وهذا هو جوهر المستقبل الذي تسعى له رؤية السعودية 2030 في بناء اقتصاد متنوع متمسك بالهوية الوطنية.
السعودية الاخبارية ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.
