كريستيانو رونالدو… حين تعبر القوّة الناعمة بوابة البيت الأبيض
في مشهد لا يشبه سوى زمننا الجديد، خطا كريستيانو رونالدو داخل البيت الأبيض، لا كلاعبٍ يبحث عن مجد رياضي، بل كرمز عالمي تتقاطع عنده السياسة بالرياضة، ويتجلى من خلاله مفهوم “القوّة الناعمة” بأوضح صورها. فالعالم اليوم لم يعد يقيس النفوذ بمدى صلابة الجيوش، بل بمدى وصول الفكرة، وقدرة الدولة على التأثير في وجدان البشر ووجوههم وشغفهم.
منذ عقدين تقريبًا تحولت كرة القدم من مجرد لعبة شعبية إلى منصة نفوذ دولي. لاعب واحد قادر على تحريك مشاعر الملايين، وصنع صورة جديدة لدولة بأكملها. ولعل القوى الكبرى أدركت هذا التحول مبكرًا؛ فالدبلوماسية التقليدية لم تعد وحدها تكفي للاقتراب من الجماهير، بينما يستطيع نجم رياضي أن يُحدث ما لا تُحدثه سنوات من الخطابات السياسية. وهذا ما يجعل دعوة البيت الأبيض لرونالدو حدثًا يتجاوز إطار “الصورة التذكارية”.
رونالدو اليوم ليس مجرد أسطورة أوروبية، ولا هدّافًا يثير الحماس كلما لمس الكرة. بعد انتقاله إلى النصر السعودي، أصبح جزءًا من سردية أوسع، من مشروع تغيّر في الشرق الأوسط، من رؤية تريد إعادة تعريف مكانة السعودية في خريطة الرياضة العالمية. كل حضور إعلامي له هو رسالة غير مباشرة عن حجم التحول، وحقيقة أن الرياض لم تعد ملعبًا محليًا بل ساحة تأثير عالمية.
حين تستضيف واشنطن لاعبًا بهذا الحجم، فهي تستقبل أيضًا ولو من بعيد صدى هذا التحول. تستقبل رمزًا بات يحمل اسم السعودية معه أينما ذهب. واللافت أن رونالدو، رغم أنه ليس وزيرًا ولا ممثلًا دبلوماسيًا، يمارس تأثيرًا يفوق في بعض الأحيان تأثير الرسميين. إنه جسر بشري، يربط بين عواصم العالم، وينقل معها صورة بلد يتقدم بثقة نحو المركز.
الرياضة اليوم لم تعد حكرًا على الملاعب. سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا، أصبحت عنصرًا من عناصر تشكيل القوة، وصناعة الانطباع، وتحريك الخيال الجمعي. والبيت الأبيض حين فتح أبوابه لرونالدو، لم يفتحها للاعب كرة قدم، بل لقوّة ناعمة تمشي على قدمين، قادرة على إدخال ملايين البشر في لحظة واحدة إلى دائرة التأثير.
هكذا تتجلى اللحظة: قوة أمريكا التقليدية تلتقي بقوة سعودية صاعدة، وتجسيدهما رجل من البرتغال يحمل إرثًا من المجد على كتفيه. مشهد يلخص المعادلة الجديدة للنفوذ: أن تمسك بقلوب البشر قبل أن تمسك بخرائطهم
ftms99@
السعودية الاخبارية ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.
