في نصف نهائي كأس العرب بين الأخضر والأردن.. معركة العقول: رينارد × السلامي

حين تصبح دكة البدلاء هي ساحة الصراع الحقيقية في نصف نهائي كأس العرب 2025 بعيدًا عن أسماء النجوم، وصخب المدرجات، وضجيج التوقعات، تتجه الأنظار في نصف نهائي كأس العرب 2025 إلى منطقة أكثر هدوءًا لكنها أشد تأثيرًا: دكة البدلاء، حيث يقف الفرنسي هيرفي رينارد في مواجهة المغربي حسين عموتة السلامي، في صراع تكتيكي خالص قد يُحدد هوية المتأهل إلى النهائي قبل أن تُلعب الكرة.

هذه ليست مباراة السعودية والأردن فقط، بل مواجهة بين مدرستين تدريبيتين، لكل منهما فلسفة مختلفة في إدارة البطولات القصيرة، وقراءة التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفارق في مباريات الإقصاء المباشر.

رينارد.. عقلية البطولات لا تُخطئ الطريق

يعرف هيرفي رينارد جيدًا كيف تُدار مباريات “اللاعودة”. المدرب الفرنسي بنى سمعته عبر سنوات طويلة في البطولات المجمعة، حيث لا مجال للتجارب ولا رفاهية التعويض. فلسفته تعتمد على الانضباط التكتيكي أولًا، ثم ضرب الخصم في التوقيت المناسب.
رينارد لا يندفع هجوميًا دون حساب، حتى مع امتلاكه عناصر قادرة على فرض الاستحواذ. هو مدرب يؤمن بأن السيطرة الحقيقية لا تُقاس بنسبة التمرير، بل بمن يتحكم في إيقاع المباراة: متى يهدأ اللعب، ومتى يُسرَّع، وأين تُخاض المعركة.
في مشوار السعودية بالبطولة، ظهر المنتخب أكثر واقعية من كونه استعراضيًا، مع اعتماد واضح على التنظيم الدفاعي، والتحولات السريعة، واستثمار الكرات الثابتة، وهو نهج يعكس قراءة رينارد الدقيقة لطبيعة مباريات نصف النهائي.

السلامي.. كيف صُنِع منتخب الأردن “العنيد”؟

على الجانب الآخر، قدّم السلامي نموذجًا تدريبيًا مختلفًا، قائمًا على تحويل الإمكانيات المحدودة إلى قوة جماعية صلبة. منتخب الأردن لا يلعب كرة ممتعة بصريًا، لكنه يلعب كرة “مؤلمة” للمنافس.
المدرب المغربي أعاد تشكيل هوية “النشامى” لتصبح فريقًا:
يغلق المساحات بذكاء
يتكتل دون فوضى
ويضرب في اللحظة التي يفقد فيها الخصم توازنه
الأردن تحت قيادة السلامي لا يضغط عاليًا بشكل دائم، ولا يندفع للاستحواذ، لكنه يمتلك واحدة من أخطر أدوات البطولات القصيرة: المرتدة السريعة والقتل البارد للفرص.
هذا التحول لم يأتِ صدفة، بل نتيجة عمل واضح على التفاصيل: تمركز، توقيت ضغط، وقراءة متقدمة لسلوك الخصم أثناء الاستحواذ.