فلكية جدة: لوحة شتوية تجمع ألمع النجوم وكوكب المشتري أعلى الأفق الشرقي

أوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة أن محبي السماء ورصد النجوم في العالم العربي على موعد مساء اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 مع مشهد فلكي لافت يمكن مشاهدته بالعين المجردة، حيث تتلألأ مجموعة من ألمع الأجرام السماوية معاً فوق الأفق الشرقي، ابتداءً من نحو الساعة العاشرة مساءً بالتوقيت المحلي.

وبيّن أبو زاهرة أن هذا المشهد الاستثنائي يجمع بين ألمع نجم في سماء الليل، وإحدى أبرز الكوكبات الشتوية، إضافة إلى كوكب عملاق شديد اللمعان، في لوحة سماوية نادرة تسترعي الانتباه وتمنح الراصدين فرصة مثالية للتأمل والتصوير.

ويتصدّر المشهد نجم الشِّعرى اليمانية، ألمع نجوم السماء على الإطلاق، والواقع في كوكبة الكلب الأكبر، حيث يتميز بلونه الأبيض المائل إلى الزرقة وسطوعه اللافت، ويُعد دليلاً ممتازاً لتحديد الاتجاهات السماوية خلال فصل الشتاء.

وإلى جواره تظهر الشِّعرى الشامية في كوكبة الكلب الأصغر، وهي من النجوم اللامعة أيضاً، وتشكل مع الشعرى اليمانية ونجم منكب الجوزاء ما يُعرف بـ مثلث الشتاء الشهير، أحد أشهر التكوينات النجمية في سماء هذا الفصل.
وفي الجهة الشرقية كذلك، يسطع كوكب المشتري كنقطة بيضاء شديدة اللمعان لا تومض، وهو ما يميّزه بوضوح عن النجوم. ويُعد المشتري ألمع كواكب السماء ليلاً خلال هذه الفترة، ويمكن تمييزه بسهولة حتى من داخل المدن، بينما يتيح استخدام منظار صغير رصد أقماره الأربعة الكبيرة المصطفة حوله، في مشهد لطالما أدهش الفلكيين منذ رصده الأول على يد غاليليو.
كما تشرق في هذا التوقيت كوكبة الجبار (الجوزاء)، إحدى أشهر وأجمل الكوكبات السماوية، ويمكن التعرف عليها بسهولة من خلال حزام الجبار المؤلف من ثلاثة نجوم مصطفة في خط مستقيم. وتضم الكوكبة نجوماً لامعة مثل منكب الجوزاء ورِجل الجبار، إضافة إلى سديم الجبار، وهو حاضنة نجمية يمكن رصدها بالمنظار على هيئة غمامة ضبابية خافتة.
وتظهر كذلك كوكبة التوأمان إلى الشرق والشمال الشرقي، ويبرز منها نجماها اللامعان كاستور وبولكس، حيث يُعد بولكس الأشد لمعاناً بينهما. وتُعد كوكبة التوأمان من الكوكبات الشتوية المميزة، وترتبط بزخة شهب التوأميات الشهيرة التي تبلغ ذروتها خلال شهر ديسمبر.

وأكد رئيس الجمعية الفلكية بجدة أن مشاهدة هذا المشهد لا تتطلب أي معدات فلكية، إذ يكفي التوجه إلى مكان مفتوح باتجاه الأفق الشرقي، مع سماء صافية وبعيدة قدر الإمكان عن التلوث الضوئي، ومنح العين بضع دقائق للتكيف مع الظلام، لتصبح الأجرام السماوية واضحة ومتدرجة الارتفاع مع تقدم الوقت.
واختتم أبو زاهرة بالإشارة إلى أن سماء ديسمبر لا تكتفي بالبرد والمطر، بل تهدي الناظرين واحدة من أجمل لوحاتها السنوية، حيث تجتمع جواهر السماء في مشهد واحد يعكس جمال الكون واتساعه، ويُجدد شغف الإنسان بالتأمل في أسراره.